عن ميرزا القطري مرة اخرى : عصمت الموسوي
في مطلع شهر نوفمبر الماضي، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي خبرا عن رجل الاعمال البحريني ميرزا ابراهيم القطري ،الخبر يقول ان الرجل كان في رحلة عمل إلى الصين لمتابعة اعماله التجارية ولسبب ما تعرض لحادث سقوط في مصنع لتعبئة الاغذية ، نقل القطري إلى أحد مشافي بكين مصابا ب بنزيف في الرأس والرئة وعدة كسور في مواضع مختلفة من جسمه، سارعت العائلة إلى الالتحاق به فور تلقي الخبر ، ظل القطري في العناية المركزة لأكثر من شهر ولم يفق إلا منذ عدة ايام فقط للبدء في مرحلة العلاج الطبيعي، وعلى مدى أسبوع ظلت مواقع التواصل تكتب عن القطري وتدعو له بالشفاء والعودة إلى مواصلة اعماله وتجارته .
عرفت القطري منذ 24 عاما ، فقد حضر إلى مبنى الصحيفة شاكيا متظلما، كانت البحرين تتهيأ وقتها لإعلان انطلاق المشروع الإصلاحي والذي انعكس ايجابا وحيوية على الصحافة ، تلقيت في هذه الفترة قصص عديدة وقعت للمواطنين في حقبة سريان قانون امن الدولة في التسعينات ،نشرت قصة القطري تاجر الفواكه والخضروات الشهير في ذلك الوقت وهي المهنة التي ورثها عن ابيه منذ الخمسينات، كان القطري يسجل اسمه كرقم مهم في عالم تجارة الفواكه والخضروات لكن نكسة كبرى وقعت له في العام 1996 أعاقت مسيرته وعطلت اعماله وتجارته .
إذ وجد القطري نفسه متهما بحيازة منشورات سياسية خلال أحداث التسعينات ، دخل السجن لمدة 14 شهرا ، وخلال فترة مكوثه في السجن أقدمت البلدية على اغلاق محلاته التجارية وأمرت وزارة الاشغال والكهرباء بالغاء عقد الكهرباء والماء، وجرى ترحيل وتسفير عماله ، واقدم بعضهم على سرقة ما توفر بين يديه من مال ومستندات وبيانات واجهزة كمبيوتر تخص الشركة ما تسبب في ضياع حقوقه وحقوق الدائنين لاحقا، وفي التفاصيل التي رواها : ان البلدية وضعت يدها على محلاته وامرت اهله باخلائها خلال ساعتين بدعوى حاجة البلدية اليها لاستحداث مشروع جديد، فشلت جهود محامي القطري واهله وشركائه التجاريين في منع هذا الإجراء المجحف ،واعتبر المحامي ان تصرف البلدية غير قانوني، اذ لا يحق لها اخلاء محلات مواطن غائب او غير موجود تحت اي ذريعة، انتهت المدة الممنوحة ونفذت البلدية أوامرها والقت البضاعة في الشارع ، وصادرت محلاته التي لم تكن ضمن القضية او الاشكالية السياسية او موضوع التهمة كما يقول القطري.
بعد الافراج عنه في عام 1997، عمل القطري على حصر خسائره الكثيرة والتي والتي ناهزت المليون دينار ، كتب القطري إلى وزير البلديات وقتها رسالة مطولة عرض فيها لكل التجاوزات الادارية التي مورست بحقه واعاقت عمله ووقفت سدا منيعا حال دون استعادة نشاطه التجاري إلى سابق عهده ،وحسب محامي القطري فان اغلب التجاوزات التي اقدمت عليها البلدية لا تستند إلى قانون، وفي مفاوضات التسوية مع البلدية جرى ارغام القطري على شطب دعوى التعويض القضائية التي اقامها ضدها وفض الاعتصامات في مقابل تأسيس صلح ودي بعيدا عن المحاكم وبما يحفظ حق الاخير ما امكن في بعض الخسائر الضخمة التي تعرض لها ، وبموجب التسوية التي عرضها عليه مدير الشؤون الادارية في البلدية وقتها، يحصل القطري على تعويض عيني ، قطعة ارض يقيم عليها محلاته التجارية الجديدة نظير رسوم رمزية لتعويض جزء من خسائره، استراب القطري في هذا الاتفاق المبدئي وغير الموثق لكنه قبله في النهاية مضطرا ، ظل القطري على تواصل مع البلدية بعد ان علم ان ملف القضية والتسوية قد اصبحت على مكتب الوزير، ومرت الشهور والسنوات وتعاقب على البلدية عدد من الوزراء والقطري ينتظر ، والملف ينقل من ادارة إلى اخرى ، فاذا حضر الوزير ، سافر المدير واذا حضر المدير قيل له ان الوزير لم يقرأ التقرير ، لكن الجملة التي ظل يسمعها مرارا هي ان " الادارة الحالية غير مسؤولة عن أخطاء الادارات السابقة "، وخلال هذه الفترة لجأ القطري إلى الاعتصام امام مبنى البلدية والكتابة والشكوى للصحافة ولغرفة التجارة والصناعة وللجمعيات الحقوقية ولكل صاحب نفوذ رسمي واهلي، يقر القطري ان الابواب كانت متاحة للشكوى لكن في المحصلة النهائية ينتهي الأمر إلى لا شيئ ويعود صفر اليدين .
حين نشرنا حكاية القطري وعد وزير البلدية يومها بمتابعة القضية بنفسه، لكن القصة التي نسجت خيوطها في العام 1996 اي منذ 27 عاما لم تبلغ شاطئ الامان ولم ترسو على اي نتيجة ولم تجبر خاطر الرجل رغم حصوله على رد الاعتبار في العام 2000 .
استعاد القطري حيويته التجارية نسبيا ونهض من عثرته الاولى، لقد تخطى الرجل عقبة كبيرة في بواكير عمره وفي ذروة صعوده التجاري ، ونأمل ان يجتاز الامتحان الثاني المتعلق بصحته ، لقد خضع لعدد من العمليات الجراحية بعد حادثة السقوط ولا تزال تنتظره أخرى بعد التماثل للصحة ، نسأل الله ان يمده بالشفاء ، وان يعوضه خيرا في قادم الأيام
تعليقات
إرسال تعليق