العلاقات العامة لتبييض وجه الفساد : عصمت
الموسوي
هناك وسيلتين لا ثالث لهما لمعالجة أي فضيحة او
قضية تتعلق بفساد مالي او اداري او اجتماعي سواء في القطاع العام او الخاص .
الأولى: الاعتراف بما حدث والاقرار به وتحديد
مسؤولية المتسيبين به والمتسترين عليه ان وجدوا.
الثانية : البدء بمعالجته من جذوره ومعرفة
مسبباته واشراك الجمهور والرأي العام والاعلام والمجتمع المدني عبر توفير المعلومة
الصحيحة للحدث بكل شفافية وعدل ومساواة بحيث لا يضار الصغار وينجو الكبار كما هو
معتاد .
والحقيقة ان العالم العربي يتسم بشيء فريد في
التعاطي مع قضايا الفساد ،فما ان تندلع قضية فساد حتى تتجلى الممارسات المعتادة والمألوفة
كالنكران والتجاهل والتحلل من المسؤولية او ابعادها عن السبب الأساس وتحريفها
وجرها الى مكان اخر او اشخاص آخرين ، او الادعاء بعدم معرفتها ، او الانغماس في
مزيد من التضليل والتمويه لمحاصرة الحدث والتقليل من حجمه ومن تبعاته ونتائجه على
الصالح العام ،وما هي الا أيام حتى نجد المتهم بالفساد قد أعاد تشكيل نفسه وترميم
صورته عبر التوسع في العلاقات العامة لتبييض وجهه واحاطة نفسه بكل ما هو إيجابي
،فتراه وسط الناس في كل مناسباتهم يتصدر الاخبار المجتمعية ويأخذ بيد هذا ويستقبل
ذاك ، ويتلفت يمنة ويسرى بحثا عن كاميرات تلتقط له الصور الجماعية الهادفة الى بعث
رسائل للأخرين مفادها انه موجود ومندمج وليس معزولا او مبعدا او منبوذا او وحيدا او
خائفا ، هذا الفاسد تراه فجأة وقد جنح الى التواضع والبساطة والبشاشة وصار يتحدث
عن الإصلاح المجتمعي وخدمة الناس حتى لا يجرؤ احدهم فقذفه بالبيض الفاسد مجازا ، وأقول
مجازا فنحن مجتمعات تحتقر الفاسد سرا وتجامله علنا ، على عكس المجتمع الياباني
الذي يجبر الفاسد على اختيار احد طريقين : اما الاعتراف والبدء بسلوك الطريق القويم
او الانتحار .
تعليقات
إرسال تعليق