هل ينتهي العالم يوم الثلاثاء ؟ عصمت الموسوي
كنا نستعد لاصدار العدد الجديد من مجلة صدى الأسبوع
حين قرأنا خبرا على وكالات الانباء العالمية مفاده ان العالم سينتهي يوم الثلاثاء
المقبل ، كم مرة تنبأ منجمون بقرب نهاية العالم استنادا لتفاسير علمية ودينية
وتاريخية وحددوا لذلك موعدا ولم تصدق نبوءاتهم وتخاريفهم ؟ لكن كيف كان وقع ذلك الخبر
علينا نحن العاملون في صدى الأسبوع ان كان العالم سينتهي يوم صدور العدد ، أجرينا في
ذلك الأسبوع استطلاع للرأي وسألنا المواطنين عن رأيهم في هذه النبوءة ، وطوال هذا الأسبوع
تخيلنا لو ان العالم سينتهي فعلا يوم الثلاثاء ، ومالذي سيفوتنا؟ استولى الخبر على
حواراتنا وشاركنا سيار الذي اسر لنا بحكايات واسرار عن تجاربه لم نكن نعلمها قبلا ، كانت
اسرة التحرير في ذلك الوقت مكونة من ثمانية بين دائمين ومتقطعين (يعملون
بالقطعة ) واخرين يجري استكتابهم من خارجها ، كانت صدى الأسبوع في مطلع الثمانينات
تعيش بميزانية متواضعة جدا نظير نقص التوزيع وشحة الإعلان وتراكم الديون ،مع ذلك
كان علي سيار متمسكا بها ويريد ابقاءها على قيد الحياة بكل السبل الممكنة وباقل
قدر من الموظفين ،فكان يوظف الصحفيين ويستقدمهم من الخارج ثم يختلف معهم ويقيلهم
فتضطرب أحوال المجلة ويقع العبء الأكبر على نفر او نفرين وتبلغ حافة الهاوية ثم
تتخطاها ولا ندري كيف ؟ كتب علي سيار في أحد
مقالاته عام 1976 " لم يمض على صدور صدى الأسبوع اكثر من عددين حتى هرب
المحرر الوحيد الذي كان يعمل معي دون ان يأخذ اجره وكان سر هروبه هو انه كان علينا
نحن الاثنان ان نحرر الصدى من الغلاف الى الغلاف، وقد ضايقه ذلك واتعبه لدرجة لم
يجد معها مناصا من ان يهرب ليس من المجلة فحسب بل من البحرين كلها "
يتكأ علي سيار على تاريخ صحفي وسياسي مليء
بالمعارك الإعلامية والسياسية والشخصية الصاخبة ، ابن الطواش الذي اختبر اهوال البحر
، انخرط باكرا في مهنة الصحافة متسلحا بثقافة عالية وموهبة أدبية ووعي سياسي وأسلوب
اخاذ وشيق في الكتابة وخط جميل ومميز ، كان احد المئة المشاركين في الهيئة التنفيذية
العليا ، كتب وشارك في تأسيس العديد من المطبوعات الصحفية التي ارخت لمراحل سياسة
عديدة ،كان فيها وطنيا عروبيا مستنيرا ،مناديا بالإصلاح والمشاركة الشعبية والديموقراطية
ومناصرة المرأة ، جرأته جلبت له العديد من المشاكل والكثير من الأعداء واقصته
وابعدته مرارا عن المكانة التي كان يستحقها ويتوق اليها ، وانسحب ذلك سلبا على اغلب
الصحفيين الذي عملوا معه وتتلمذوا على يديه .
جاء
في دفتر الذكريات ان علي سيار زار المستشار بلجريف بعد إيقاف جريدة القافلة في منتصف
الخمسينات وناقشه في مسألة إعادة اصدارها بعد اغلاقها، فوافق المستشار بشروط ثلاثة:
تغيير اسم الجريدة، وخضوعها للرقابة، وازاحة اسم علي سيار منها.
كان سيار لا يزال شابا حين انطفأت كل عناصر الحياة
السياسية في منتصف السبعينات وسادت العتمة السوداء بعد حل المجلس الوطني وتراجع
دور الصحف، مع ذلك ظل سيار عاشقا للصحافة شديد الارتباط بمجلته ومتأملا ان التغيير
السياسي قادم لا محالة.
وعودة الى خبر نهاية العالم، فقد فوجئنا بأن
علي سيار اهتم بالخبر جدا ربما لانعدام الساحة السياسية والإعلامية من أي خبر مثير
او باعث على الدهشة، اصدرنا عددا لطيفا وخفيفا من وحي مناقشاتنا اللطيفة حول يوم نهاية
العالم، وتناولنا في زاوية " بالونات شخصية " مخاوفنا وامالنا وطموحاتنا،
وجاء يوم الثلاثاء وخرجت صدى الأسبوع الى النور متخطية امتحانا اخر ونبوءة خرافية رجحت
فيها نهاية العالم يوم الثلاثاء، أي يوم صدور المجلة.
تعليقات
إرسال تعليق