صحافة الرأي الواحد : عصمت الموسوي 
اذا هبت رياح التغيير فجدير بالناس ان يتعايشوا مع الحاضر ويخططوا للمستقبل لا ان يستنجدوا بالماضي لاستعادة امجاده، تصدر في بلدنا اليوم اربع صحف ورقية، كلها نسخ متطابقة من بعضها البعض، اشاهدها على رفوف المحلات وهي تتناقص يوما اثر يوم، لا سبق صحفي ولا تحقيق مثير ولا مقال لافت ، وثمة من يقول ان جميع الصحف تتنافس اليوم لإرضاء الحكومة فقط ، مانشيتاتها هي نفسها صدر الخبر الأول في التلفزيون والإذاعة ووكالة الانباء ، ولو غابت أي صحيفة صباح اليوم التالي لما شعر الناس باختفائها .
وقبل صدور الأيام، كان السؤال " هل تحتمل البحرين صحيفة ثانية؟ وصدرت الأيام ونجحت وصدرت صحف أخرى ونجحت نسبيا ولزمن محدد، واختبر الشعب البحريني جرعة بسيطة من التنوع والتعدد والاختلاف في الرأي، ثم عدنا الى المربع الأول، صحافة الرأي الواحد الرسمي تحديدا، وصحافة الرأي الواحد ليست صحافة بل مجرد ورق وحبر والوان وصور وإعلان .
والأيام كما هو معروف جريدة وفرت لها الدولة كل الدعم من قرض مالي للتأسيس، ومقر مجاني وارض لكي تقيم عليها مبناها الخاص، وكلها تسهيلات من شأنها ان تجعلها تتبوأ المركز الأول بين الصحف على صعيد المداخيل المالية، وبالتالي توظيف ذلك لاستقطاب الصحفيين والمصورين والمخرجين وكتاب المقالات ومنحهم أجور جيدة نسبيا قياسا بأجور الصحفيين في ذلك الوقت ، كان خصومها ومنافسوها يسمونها جريدة طارق المؤيد ، ولكن كل ذلك لم يحل دون نجاحها ووصولها للناس واقترابها من الحس الشعبي ومن احتياجات المجتمع وهمومه ومشاكله على قدر المتاح .
تغيرت المعادلة الصحفية في البحرين بعد الانفتاح السياسي عام 2001 وبعد صدور صحيفة الوسط والوقت والوطن والبلاد، صعدت صحف وتراجعت أخرى، وهاجر الصحفيون الذين أعطوا الأيام نكهتها وطعمها وتميزها الى صحف أخرى، ولم تعد الأيام تلك التي نعرفها.
الأيام مثل غيرها من الصحف الورقية الأخرى تمر حاليا بظروف ومتغيرات اقوى منها ومن امانيها ورغباتها، والمتابع لها كلها دون استثناء يجد انها قد فقدت شهيتها وحماسها لاي تميَز او ابداع، صحافة ينطبق عليها بيت الشعر العربي لأبي نواس " تسألين عن سقمي، صحتي هي العجب "
ان صحافة محدودة ومؤطره بالمحاذير والممنوعات والخوف وانخفاض سقف الحريات وتغليظ القوانين سوف يعجل بنهايتها بدل ان يمد في عمرها عاما او عامين، وحتى لو انتقلت الصحف الى الفضاء الرقمي فليس ذلك الا انتقال من مكان الى اخر، انتقال لا يغير في المضمون والجوهر.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة