تأملات في كورونا  : عصمت الموسوي
في عز الحصار ،بعد انتشار وباء كورونا كوفيد 19 المستجد وتحوله الى ازمة صحية عالمية ومطالبة السلطات الصحية في بلدنا للناس بعدم الخروج الا للضرورة ، طرق باب بيتي جاري الصغير قائلا   : انا سلمان ،عمري تسع سنوات ،ابحث عن طفل يلعب معي .
·       
تأملت الشوارع الخالية من روادها بعد امتثال الناس لنصيحة : "لا تخرج من بيتك الا للضرورة " وتساءلت هل كنا نذرع الشوارع وننفث عوادم سياراتنا ونلوث بيئتنا ونتسبب لأنفسنا ولغيرنا بحوادث السير المميتة ونحن في حالة ضجر ؟ مجرد تزجية وقت وبلا ضرورة ؟
·       
عالمنا السابق الذي كنا نعرفه ونألفه ، يصغر يوما بعد يوم ، شبكة الأصدقاء تضيق ،الكلام يقل ، في المقابل نشأت على انقاض عالمنا القديم مساحات جديدة خالية بيضاء ، نشتغل كل صباح لشغرها بهوايات جديدة وشغف جديد ، وثمة فائض من الوقت للتدريب على الجديد .
·       

مررت اثناء التسوق في المجمعات التجارية بالكمامات بكثيرين عرفتهم ولم يعرفوني، استدرت ذات مرة بعد ان تخطيت زميلا اعرفه، لكنه استدار قبلي كي يتأكد، التقت اعيننا خلف الكمامات، كلانا لم يتيقن من شخصية الاخر، لكن كلانا قرر مواصلة الطريق بلا سلام ولا اعتذار ،عادي انه زمن كورونا
·       
هل صحيح ان الناس صارت تختبر وفرة من الوقت وتعجز عن ملئها؟ هل بدأت هذه الظاهرة مع كورونا، ام انها كانت معنا منذ احتلال الأتمتة لكافة اعمالنا وانشطتا الحياتية، ما ان يبدأ النظام والسيستم الوظيفي بالعمل وحده حتى يتحول بشكل تلقائي الى ساعات عمل وجهد اقل ، فيجد الموظف نفسه فارغا " مكرونا "
·       
تصر صديقتي ان كورونا لا يخلو من مؤامرة ما ، وأقول لها كما قالت الخنساء :ولولا كثرة الباكين حولي على كوراناهمو لقتلت نفسي ، وصدقت المؤامرة .
·       
 تصل نسبة الدقة لدى أجهزة فحص كورونا 8% ،كثير من المصابين نقلوا العدوى مع ثبات خلوهم من الإصابة ،اهو فساد الأجهزة ام فساد المؤسسات التي اشترت الأجهزة ، ام مهارة الفيروس في التخفي ؟
·       
تعرض متوفي جنوسان ذو السبعون عاما للفحص مرتين وجاءت النتائج  سليمة ، ذهب الى بيته مطمئنا ،مارس عدد من الأنشطة وخالط العشرات ثم جاءت الفحوص الثالثة الأخيرة إيجابية ،مات تاركا خلفه كوارث من التعطل والحجر واستنفار الأجهزة الصحية والهلع والخوف وفحوصات عديدة ومتكررة ومزعجة لبشر أبرياء ،صادف وجودهم في محيط دائرته .
·       
ذلك النمو الذي حقتته بعض البلدان في عدة سنوات ،تبخر بسبب كورونا في عدة أيام ، ومشاريع عملاقة جرى الاعداد لها ماليا ولوجستيا على مدى عقود  فتأجلت ، السؤال : ليس ما فعله بنا كورونا اليوم او الان ،السؤال الى متى ؟
·       
دول كثيرة أعلنت خلوها من الفيروس خشية على مصالحها ، لكن فضحها المسافرون المغادرون منها ،حين تدخلت منظمة الصحة العالمية بقوة في شأن الجائحة الجديدة وبدأت تنشر الحقائق والمعلومات حول هذه الدولة اوتلك ، راحت عديد من الدول تعلن وتفصح وتنتهج الشفافية وتشير يوميا الى ارقام المصابين والموتى والمتعافين ، بدا وكأن هناك سباقا لنيل الجوائز والمكافئات والترضيات .
·       
كورونا هي القشة التي قصمت ظهر المسنين ، قد كانوا قبل الوباء محاطين بأسباب السعادة ، أبناء واحفاد ورعاية ودلال ، فقدان كل ذلك هو الموت بعينه .
·       
ترى لو حل كورونا في عز الصيف والحر ، هل كنا سنتأفف من الحجر والحصار وعدم الخروج الا للضرورة ؟  الم يسرق كورونا ربيعنا القصير مما ضاعف حسرتنا على ضياع هذا الوقت الجميل ؟
·       
المدن  الضخمة التي أقيمت على بحرنا المدفون واستنزفت ثرواتنا البحرية ورمالنا وبيئتنا واشجار القرم على مدى سنوات ، ربما قد حان الوقت للتوقف عن مواصلة الاستثمار فيها بعد تشبع هذا النشاط الاقتصادي وخلو المدن من قاطنيها ، والتوجه الجاد الى معالجة البحر وتصحيح اختلالاته واعادته الى اهله وناسه بوصفه مورد الغذاء الأصلي لاهل الجزيرة البحرية ،والسلعة المستدامة وغير الناضبة.
·       
من المفارقات ان المدن البحرية الاستثمارية  ذات الطابع الرفاهي البذخي والتى خلت من قاطنيها ،تحول بعضها الى مكان لحجر مصابي كورونا .
·       
تنفست الطبيعة نسبيا بعد انحسار الأنشطة البشرية ، الم يكن كورونا إنذارا أخيرا لتدارك أزمات المناخ المتراكمة والتي لم تجد صدا لاستغاثاتها في السنوات الماضية  ؟  
·       
في زمن كورونا نحتاج الى نصائح وفتاوى الأطباء والمختصين  فقط .
·       
                                              
هاتفي أيضا لم يعد يرن الا للضرورة ،اين ذهب  كل هؤلاء المحفوظة أسمائهم في ذاكرته ؟هل تبخر الأصدقاء ، ام انه مزاج كورونا الذي غيًر كل شي ؟
·       
·      سؤال أخير : هل صحيح ان أجهزة الاستخبارات في الدول الكبرى عجزت عن التنبؤ بقدوم  الجائحة و الاستعداد لها ،ام انه فشل استخباراتي بامتياز ؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة