استثمار كورونا : عصمت
الموسوي
كنا على موعد مع ازمة اقتصادية كبيرة في 2020 بدأت تباشيرها قبل عدة أعوام لكننا
استيقظنا على كرونا أتساءل: لو اختبرنا الازمة الاقتصادية وحدها دون الوباء هل كنا
سنقبع في بيوتنا امتثالا للتعليمات الصحية ام سنخرج الى الشوارع مطالبين بالإصلاحات
والعدالة والانصاف ومحاسبة الفاسدين؟
·
العمل عن بعد ..لماذا تأخرنا في هذا التطبيق
في وقت كانت فيه كل المؤشرات المهنية تقول انه قادم لا محالة ،لماذا شيدنا كل هذه
المباني الضخمة والمكاتب المتعددة كي يجيئ كرونا ويخليها من موظفيها ، اين مستشارو
وخبراء المستقبل الذين تقاضوا الرواتب العالية دون ان يمتلكوا الرؤية الحقيقية
لوظائف المستقبل ونوعيتيها وكيفيتها ؟
·
الأعمال عن بعد والمعتمدة على التطبيقات
التكنولوجية الجديدة تحتاج الى طاقم اداري جديد في القطاع العام والخاص ، حان
الوقت لرؤية شباب صغار ممكنين علميا واداريا وتقنيا يقودون الاقتصاد والتعليم
والصحة والتجارة ، إدارة ما قبل كوفيد19 لا تصلح لما بعده .
·
كل
يوم يخرج علينا سفير ليفاجئنا بتعداد جاليته الضخم ، هل كان ثمة اتفاق ضمني في
الماضي على إبقاء هذه الأرقام سرية ؟
·
بين الفتح والاغلاق والفتح والاغلاق عاش
الناس حياة صبر طويلة ....ومؤجلة
·
كوفيد 19يدخل الى سيرتنا الذاتية ويصير جزءا
من تكويننا، مصاب بكوفيد ،متعافي من كوفيد ، متسبب في عدوى كوفيد، مستهتر باحترازات
بكوفيد ، ثمة خشية من ان تكون هذه الصفة المرضية ملازمة للإنسان وسببا للتمييز بينه
وبين الاخرين مستقبلا .
·
تقول اغنية صربية قديمة "لا احب السبت
ولا احب الاحد ،لا الاثنين يعنيني ولا الثلاثاء ،الأربعاء قد يكون يوما مهما بالنسبة
لغيري / اما السبت ، آه السبت فيشبه الخميس الماضي "، عاش الناس دوما اشكالا
عديدة من الحجر والعزل النفسي والوحدة قبل كوفيد وبعده
·
الناس ليسوا في حالة تحد مع الحكومات
واجراءاتها ،انما في حالة صراع مع عقولهم ووعيهم
،فثمة رسائل عديدة مضادة ومعاكسة يتلقونها يوميا حول كذبة الوباء ومؤامرة الوباء وتجار
الوباء ، والمختبرات التي خلقت الوباء ،اليقين الكامل في منظومة الاعلام العالمي
لم يعد سهلا في زمن ديموقراطية الانترنت .
·
العالم الاستهلاكي اكبر المتضررين من كورونا ،مصانع
الساعات السويسرية المقفلة حاليا تبحث في ابداعات إعلانية غير مسبوقة لتسويق
منتجاتها مستقبلا ،السؤال هو كيف ؟
·
لقد طورنا كل شي في حياتنا الا الجلوس وحدنا
ومع ذواتنا دون رفقة ،دون أشياء ، لغة جديدة لم نألفها ونمط حياتي لم نتربى عليه،
كان كل شي حولنا يدعونا للخروج والسفر والاحتفال والتسوق
العالم الذي كان عصيا على الولادة ممعنا في
التمسك بتلابيب الحاضر
·
أنشطة اقتصادية تضاءلت ثم تبخرت بعد ان فقدت
مسوغ وجودها ولم يشعر الناس بغيابها، كانت فقط وبالا على البيئة ووسيلة للتربح
والاثراء غير المستحق.
حين لاحت تباشير الانفتاح وفك العزلة والعودة
التدريجية للحياة ، اعترف البعض "
نحن لم نلزم بأي حظر ، تسللنا من هنا وهناك خفية وفي الظلام ومارسنا حياتنا
السابقة الطبيعية بسرية ،البعض فعلها في ضوء النهار ونشرها على الملاء الكترونيا .
كم واحد اقر انه كتب وصيته في زمن كورونا ؟
الهذا الحد بدا الموت قريبا ؟
·
كورونا
اراح الناس من التافهين الذين تحولوا الى نماذج بشرية يقتدي بها في الحياة
المظهرية الاستهلاكية ، وكنا تصورنا ان الدنيا باعدت بيننا وبينهم على ارض الواقع
فاذ هم يملئون العالم الافتراضي مباهاة بتفاصيل حياتهم المملة وبما اكلوا وشربوا وتنزهوا
،محدثو النعمة "المتخرعين " كما
نصفهم في امثالنا الشعبية قزًمهم زمن كورونا .
·
اذا طال امد كورونا سيخرج الناس في تظاهرات
احتجاجية تحت يافطة "الحق في الاختلاط "
·
مواطنون عاديون وبسطاء ولا شأن لهم بالأخرين
،عاشوا حياتهم في العتمة بعيدا عن الأضواء عافين وكافين ، فجأة اصبحوا مشاهير
وارقاما مهمة على نشرات الاخبار ومؤشر كوفيد 19 بعد اصابتهم اوتعافيهم او موتهم
·
قال مازحا للمرضة التي اجرت عليه الفحص ،لقد
سعلت وعطست عدة مرات ،اكان ذلك بحثا عن الفيروس ام حقنا به ؟ اجابت الممرضة بل هو مجرد
حالة نفسية عارضة .
·
اما صحفنا الورقية الأربع ذات الرأي الواحد فجدير
بها ان تتعاطى مع كرونا كشأن بعض البنوك والشركات والوزرات بان تدمج نفسها في مبنى
واحد ومطبعة واحدة، لا خوف عليها من تبدد هويتها وشخصيتها واستقلاليتها المفقودة منذ
زمن طويل .
·
الرعب والهستيريا من الوباء جدير بالمكافحة
أيضا كي نعود للحياة الطيبة التي كنا نألفها قبلا.
·
المسافة تباعدت في الشوارع والأماكن العامة
واقتربت جدا في البيوت ،نذير شؤم على العلاقات العائلية والعاطفية ،نحتاج المسافة كي نشتاق ونحب ونعشق
·
اخلق وظيفتك ذلك هو الشعار الذي جاء مبكرا مع
وباء كورونا ،الحكومات لن تكون مسؤولة بعد اليوم عن عطالتك وجوعك وموت ابناءك ،الخرق
الأمني هو ما يعنيها فقط ، واذا سأل سائل عن حقوقه تجاه الدولة فسوف يقال له : انها
الكورنا .
·
تنتظر امي طويلا وعينها مصوبة على مقبض الباب
، شحيحة هي الزيارات التي يجود بها الأبناء لأباءهم وامهاتهم قبل كورونا وبعد
كورونا ، بيد ان الاعذار والمسوغات صارت جاهزة ، " نخشى عليك من كورونا
" ترد امي " مشكل " ثم
تضيف بسخرية قولوا " لعبة كورونا "
·
نظر الى وجهه في المرأة فهاله حجم التغيير
والتقدم في العمر الذي طرأ عليه خلال اشهر العزل البسيطة ، ود لو يتراجع عن هذا
المشوار التافه، بيد انه كان يبحث عن متنفس وسبب للخروج غير الضروري ، احكم اغلاق
القناع على وجهه وسحبه ومدده كي يغطي اكبر مساحة من وجهه ، ارخى غترته على جبينه ،
ردد في نفسه : لا فرق ، وحيدا في الداخل ووحيدا في الخارج .
تعليقات
إرسال تعليق