هل مات فقيدكم ب " كرونا " ؟ عصمت
الموسوي
هل مات فقيدكم ب كرونا ، اي نوع من اللقاح ،
كم جرعة ؟ متى ؟
كم يوم بعد الجرعتين ؟
هل تلقى الجرعة التنشيطية ؟
كم عمره ؟
هل لديه امراض كامنة ،سكر ضغط ، سرطان ،سيكلر
، سمنة ؟
هل كان في العناية القصوى ؟ كم يوم ؟
هل كان تحت جهاز التنفس الصناعي ام الاعتيادي
؟ كم يوم
اي مستشفى ؟
كيف اصيب ؟ من الذي نقل له العدوى ؟
هل سلمت عائلته او زوجته او اولاده ؟ من نجى
ومن اصيب ؟
من خالط ؟
هل هي الاصابة الاولى ؟ كوفيد القديم او
المتحور الجديد ؟
اصابة في البيت ام في العمل ام من الشارع ؟
هل هو شخص ملتزم بالتعليمات والاحترازات
والتباعد والكمامة ام مستهتر بها
هل هو مدخن ؟ مدمن كحول مثلا
اهو متزوج وهل لديه اولاد ؟
تلك نماذج من الاسئلة المعتادة التي يتلقاها
ذوو المتوفيين او المصابين بكوفيد حين يتواصلون مع الناس الناس ،اسئلة تبدو للوهلة
الاولى بريئة في مجتمع صغيرويعرف بعضه بعضا وترمي الى التشارك في المصاب والمواساة
والمؤازرة وواجب العزاء .
الاسئلة اعلاه اسئلة خاصة جدا وتفصيلية جدا وتقف
على حياة هذا الانسان، وقد لا يعرف حيثياتها حتى الاقربون منه، ورغم انها اسئلة قد
تبدو معتادة ومن حق الناس معرفتها فانها ايضا تزعج الناس وتجرحهم وتحرجهم وتضعهم في
موقف صعب كونها اسئلة تدخل عميقا في حياة الاخر وتخوض في سيرته الذاتية وامراضه وتتطفل
على اسراره التي يحرص الكثيريون على ابقاءها طي الكتمان في الصحو والمرض، في
الحياة وفي الموت ،من قال ان الناس لا ترى في المرض خصوصية وان للميت حرمة وان له
في ذمة اهله حقوق يجدر بهم الحفاظ عليها، وتلك ابسط حقوق الانسان، بيد ان اسئلة
الناس التلقائية تشير الى تعاظم المخاوف من جائحة شديدة الانتشاروالخطورة ، جائحة وضعت
العالم كله امام تحديات غير مسبوقة، ،اسئلة الناس لا ترمي الى اشباع الفضول
الغريزي في المعرفة والتلصص بقدر ما ترمي الى تفادي الاخطاء والتعلم من الدروس
والاعتبار ،لاحظوا ان من كان يصاب بكورونا في السابق كان بامكانه ان يخفي اصابته، ينزوي في بيته او يُحجر او يتنقل حرا دون
احترازات وقائية، لان الجائحة كانت في بواكير نشأتها، ويصح القول اننا كنا في نزهة
مع سلالة كوفيد القديمة قياسا بما نشهده الان مع السلالة الجديدة "متحور دلتا
"
ان زمن الوباء الشامل جعل مسألة الخصوصية وحقوق الانسان تتراجع كثيرا
لصالح معرفة كل التفاصيل والبيانات الخاصة بمرضى كوفيد ،فنحن جميعا على مركب واحد
،نعاني الامر ذاته وقد نكون الرقم المقبل، والناس تعيش حالة من الخوف والرعب، وتود
التأكد من سلامة تعاطيها مع المرض، وهل تلقت اللقاح المناسب ام لا ؟وهل قامت
بالاحترازات الضرورية كما يجب ؟ وهل عليها ان تمارس على نفسها المزيد من التشدد مستفيدة
من اخطاء الاخرين لتلافي سقطات الاخرين ، هل تصنف نفسها ضمن الفئات العمرية
والصحية الخطرة وذات الاحتمالية العالية للاصابة والوفاة ام لا، ان تفاصيل وفيات كرونا من عدمه قد اختفت من منصات
التواصل ومن تقارير المنظومة الصحية في بلدنا ،الناس هي التي صارت تبحث عن
المعلومة وتتكهن وتخمن وتسأل وتتحرى، لا اشباعا للفضول كما اشرت ولكن كنوع من
الاطمئنان
وهكذا غابت كل اسباب الموت وبقيت كرونا، وبدا
ان كل راقد في المستشفى هو مريض كرونا بالضرورة ؟ وكل صفارة اسعاف هي لمريض كورونا
وكل انبوبة اكسجين مخصصة لمرضى كرونا، وكل حالة وفاة هي لمصاب بكرونا، وهو امر غير
صحيح بالمطلق، فلا تزال المقابر تستقبل الوفيات ولا تزال المشافي تعج بالامراض
المتنوعة الكامنة المستترة والظاهرة والواضحة للعيان، بيد ان كوفيد سيطر على
المشهد الطبي والصحي، وتصدررقم الوفيات،وقد كان اقسى على المرضى وكبار السن وضعاف
المناعة وغير المطعمين اواولئك الذين لم تقاوم اجسادهم قسوة الفيروس المتحورالفتاك،
والذين انتقلوا في لحظة اصابة عابرة من دائرة الصحة الى سرير المرض، نعم ضاعت خصوصية
المرضى وحقوقهم الانسانية بسبب تفشي وباء كوفيد، وصار سؤال : كيف توفي مريضكم سؤالا
طبيعيا ومعتادا في معركة الحرب على كوفيد التي لا تعرف نهايتها .
تعليقات
إرسال تعليق