ندوة مركز كانو الثقافي : الخبر الصحفي بين الامكانات والتحديات : عصمت الموسوي

·      قيمة الخبر لا تكمن في انجاز نشره فحسب انما في في ارتداداته وفي تأثيره على الناس وعلى صاحب القرار .

·      الصحافة الجديرة بالثقة هي التي تتحسب  لها الحكومة والرأي العام معا

·      الصحفي الذي يطور حاسته الخبرية يجد الاخبار في كل مكان وكل يوم .

·      الخبر الناقص غير المستكمل اجده احيانا في كل الصحف وكل المواقع الاخبارية الرقمية.

·      في الزمن الرقمي السريع السبق للجودة والاختلاف وليس للسرعة .

 

لكل مرحلة زمنية ظروفها وتحدياتها ،واما المآل الذي بلغته الصحافة اليوم واستقرت عليه فيعود الى سيطرة عالم الصحافة الرقمية والسوشيال ميديا الاسرع ،  هذه الندوة ستحاول الاطلالة على الصحافة البحرينية المؤسساتية الراهنة ومراقبة وتقييم اداءها .

وبداية لا بد من القول انه اذا توقفت الصحافة عن القيام برسالتها الصحيحة وبدورها المنوط بها فكلنا خسرانين ،هذه الندوة وغيرها من الندوات تأتي من باب الحب والحرص على صحافتنا التي تواجه اليوم تحدي الانكماش وتراجع التوزيع وزيادة اعباء الطباعة وشحة الاعلان وضعف الموارد .

ان حديثي سيتطرق الى موضوع التغطية الخبرية وامكاناتها الهائلة التي اتيحت لها في زمن الاعلام الرقمي وكيف بالامكان توظيفها والاستفادة منها وتلافي نواقصها .

وبداية لابد من القول ان التغطية الصحفية او الخبر او القصة الصحفية كما تسمى في الصحافة الغربية وما يندرج ضمنها من صنوف انواع الكتابة كلها اساسها الخبر ، فالتحقيق واللقاء والتقرير والاستطلاع وحتى المقال او عمود الرأي اساسه الخبر الصحفي ، وكلها تتشابك وتلتحم وتخدم بعضها البعض وقد تشكل مادة خصبة لاحقا للقصص الادبية التي قد تتحول الى اعمال درامية وهذا ما يفسر ولوج العديد من الصحفيين الى عالم الادب في كل مكان في العالم .

لكن الخبر ليس هو ما حدث فحسب بل حتى ذلك الذي توقعنا حدوثه ولم يقع وفقا لتصريحات تم تجاهلها. وكل قرار او مشروع قالت الحكومة مثلا انها ستنفذه ولم تلتزم بوعدها به فهو خبر من وجهة نظري ، صرف الزيادة السنوية للمتقاعدين مثالا اذ قال رئيس مجلس الشورى " ان هناك هدية قبل رمضان للمتقاعدين " ،مواعيد افتتاح المدن الاسكانية ، مدينة سلمان او الشمالية سابقا ، كم تأخرت ولماذا ، والراصد لتعليقات القراء على السوشيال ميديا يجد ان اغلبها تذكر بالخبر المغيب الذي لا تجرؤ الصحافة التقليدية على الاشارة اليه .

كذلك فإن قيمة الخبر لا تكمن في انجاز نشره انما في في ارتداداته وفي تأثيره على الناس وعلى صاحب القرار

وفي رايي فإن الصحفي الحاذق ليس من يتابع الخبر ويغطيه انما يهجس بحدوثه ويتوقعه، والصحفي هو زرقاء اليمامة الذي يتنبئ ويحلل وفقا لمعطيات مادية ، وان الصحفي الجيد هو الذي يتوفر يوميا على حصيلة من المتابعات والتفاصيل ولا يمكن ان يفلس ، فالحياة في هذا البلد او ذاك مفتوحة على مئات الاخبار ،ويستحيل ان يستيقظ الصحفي في يوم من الايام ليجد نفسه مفلسا او منعدم الاخبار ،كذلك فإن المطبوعة او المنصة الخبرية الناجحة المتمتعة بالشعبية والثقة فان الخبر كما الاعلان يأتيها برجليه احيانا عبر شتى الوسائل ،فالمسؤل يتصل ويهاتف الصحفي ، وصاحب شكوى قد تنطوي شكواه على خبر ما ، وعالم السوشيال ميديا وتغريدات المواطنين على اختلاف مهنهم ومناصبهم تحمل ايضا بذورا  للاخبار ، بالتالي فأن

الصحفي الذي يطور حاسته الخبرية يجد فائضا من الاخبار في كل مكان وكل يوم

اما التحديات المتعلقة بنشر الخبر من عدمه فقد تأتي من الجانب الرسمي اوالاهلي اوالاعلاني واحيانا الشخصي واعني بها العلاقات الشخصية التي تربط صاحب الخبر بملاك الصحيفة او القائمين عليها ، فهناك ربما وزارات ومؤسسات ترتبط بمصالح مع هذه المؤسسة الصحفية فلا تنشر اي خبر يسيئ اليها او لا يتناغم مع مصلحتها بينما قد تبالغ هذه المطبوعة في نشر اخبار ضد غيرها ،او ان يكون الخبر محكوما بسياسة الاعلان ،والاعلان كما نعرف هو المورد الاساسي للصحيفة ولا توجد مطبوعة تغامر بخسارته من اجل الخبر .

الحريات الصحفية :

اتحدث في هذه الندوة عن فن الممكن والمتاح ، اما قانون الصحافة  الذي صدر عام 2002 فيجب ان نكتب عنه كل يوم من اجل تغييره وتطويره ، ان اعطاء الترخيص لاصدار صحيفة ما يعني ان تمنحها الحريات والقانون المسهل لاداءها مع فتح الطريق للحصول على المعلومة ومنع معاقبة الصحفي على الكلمة والرأي او تجريمها وها نحن نرصد اليوم الجدل الدائر بين مجلس النواب وبين الصحفيين بشأن قانون الصحافة الذي صدر عام 2002 واثار استهجان الصحفيين بسبب  المواد المغلظة حول الغرامات والحبس والمعاقبة تحت مظلة القانون الجنائي ، وكل ذلك يجعل الصحفي يعمل بخوف وتوجس، كما ان ذلك يدفع مسؤولي الصحافة الى زيادة الرقابة ،وكنت اكتب في صحيفة وانتقلت لاخرى ، رفعت سقفي الصحفي ولم يحدث شي ،ان الرقابة الذاتية وتضييق الصحفي على نفسه  هو اسوأ من قانون الصحافة

علاقة الصحافة بالحكومة

ان الصحافة لاعب مهم في المعادلة السياسية ، واذا تحرك الوضع السياسي اوتلحلح تتحرك تبعا لذلك الصحافة واذا توقف تتوقف ، لذلك رأينا ما حدث لصحافتنا في اعقاب انطلاق المشروع الاصلاحي لجلالة الملك عام 2002 وما حدث من تحول وما اعقب ذلك من صدور عدد كبير من الصحف.ساهم في رفع شأن الصحافة والصحفيين بل ان الصحافة البحرينية نالت جوائز عربية واقليمية وانتقلت البحرين الى خانة متقدمة في تقارير مراسلون بلا حدوم عام 2007 وعام 2008 .

بيد ان هذه المساحة التي تحتلها الاخبار الرسمية في صحافتنا اليوم " التي تشكو من نقص المساحة على اثر تقليص الصفحات " تثير الاستغراب ،اذ ان لدى الحكومة اليوم منابرها العديدة للترويج لاخبارها ولتوجهاتها ولا تحتاج الى الصحافة ، كما وحسب علمي فأن الصحافة لا تتلقى اي معونات او مساعدة الا النذر اليسير والذي لا يعول عليه لبقاءها واستمرارها ، وجدير بها ان تعتمد على ذاتها وتبحث في مصادر تمكينها ونجاحها لانها ستترك يوما دون مساعدة او معونات كما حدث لكثير من صحف العالم التي اضطرت اما الى التحول الالكتروني او الاغلاق نهائيا .

على العكس من ذلك انني ارى ان الصحافة الجديرة بالثقة هي التي تتحسب  لها الحكومة والرأي العام معا ، فالصحيفة التي لا تقلق المسؤول ولا يتحسب لها او يخشاها ممارسي الفساد تكون قد فقدت سلطتها وانيابها .

انني الخص علاقة الصحفي بالحكومة في حوار دار بيني وبين وزير الاعلام الراحل طارق المؤيد بعد تركه للوزارة حيث اصبحنا اصدقاء بعد سنوات من الاختلاف .

قلت له : انت كنت وزيرا رسميا وكنت تمارس عملك وواجباتك ، وانا صحفية امارس عملي قدر الامكان بمهنية ووفق القواعد الصحفية ،والاختلاف بيينا صحي ومعتاد وطبيعي ، وهذا الشد والجذب والمناكفات يحدث تقريبا في كل دول العالم الثالث التي لم تترسخ فيها مهنة الصحافة ولاتزال محكومة بالقيود والرقابة والقوانين الصارمة وسلطة وزارة الاعلام ، ان المناكفة بين السلطة وبين الصحافة هو امر طبيعي ومحمود ، بدونها سنرى صحافة خاضعة وخانعة ولا تخيف احدا .

ان امام الصحافة الورقية عمر محدد قبل اسدال الستار النهائي كما توقعت اطروحة الزميل غسان الشهابي عام 2018 ، " مستقبل الصحافة البحرينية المطبوعة في ظل المنافسة الالكترونية "  ولكن هناك امل في تطويل عمرها ان هي ارادت عبر اكتساب جاذبية مختلفة ، وذلك لن يتحقق دون حد ادنى من الاسقلالية .

اما هذا التوجه السائد حاليا لجعل الصحف كلها نسخة واحدة ، ك لقاءات رؤساء التحرير الجماعية بالمسؤولين ،والمانشيت الواحد والخبر الواحد ، فلا يشي بالتعدد ولا يدفع الصحفين للتنافس ويضعف حتى ذلك الهامش الصغير الذي يجدر بالصحيفة ان تخلقه لنفسها من اجل التميز والفرادة.

وثمة اجماع لدى الناس والمتابعين للصحافة من انها تحولت الى نسخ متشابهة تماما من بعضها البعض، واعيد القول ان تعدد المنابر الصحفية هو الذي يجلب النجاح يحقق التنافس الصحي ويمنح الرأي العام والناس فرصة اوسع للاختيار، كما ان اغلاق الصحف يقًوض او يحول دون هذه الاختيارات، وكأن لسان الحال يقول :نحن نحدد لك

 ان على الصحافة الا تفقد لعبة التوازن بينها وبين الحكومة وبين الناس، وعليها ان تتذكر ان الصحافة هي سلطة شعبية وانها تتوجه بخطابها الى الناس اولا  .

اكبر منافس للصحافة الورقية والالكترونية اليوم هو الصحفي الهاوي اوالمتخصص  او ما يسمى الصحفي المواطن والذي يجول بكامرته ويوثق ويصور ويدون  وبعضهم متخصصين في مجالات عديدة ،لقد استفاد هؤلاء الهواة من كل ابداعات العالم الرقمي ووظفوه لتعظيم مكاسبهم ،انظروا الى عدد متابعي هذا النوع من الهواة مع انهم يعملون بجهود فردية خالصة .

 ملاحظات على الصحافة الورقية .

الصحافة الورقية تشكو من تقلص عدد الصفحات وعدم وجود المساحة لكن الاخبار الرسمية واخبار المنوعات تشغل احيانا صفحات كاملة ،كحفلات الزواج او افتتاح المشاريع الخاصة او حفلات تخريج طلبة المدارس والجامعات ،لا اعرف اهي اعلانات تحريرية ام ماذا ؟ ولكن كل تلك المساحات تأتي على حساب المادة التحريرية الجادة .

كثير من الاخبار عبارةعن نشرة علاقات عامة وترسل ناقصة خبريا ، وتنشرها الصحف احيانا دون اضافة او استكمال كما وردت من المصدر تماما  ،ولا يدري الصحفي المزيد من التحري ،وللاسف وجدت هذا الامر سائدا بين الورقي والالكتروني ، بل ان ردود وتعليقات الناس والقراء في المواقع الالكترونية تتضمن الاسئلة وهي التي تشير الى  الخبر الناقص

اسمع من بعض زملائي الصحفيين انهم يكتبون لهذه الصحيفة او تلك بالمجان لانهم لا يودون الانقطاع عن المهنة التي يعشقونها ، واود القول ان الصحيفة التي تعجز عن دفع خمسة او عشرة دينار مكافأة على مقال لصحفي او زاوية ناجحة ومقروءة او متعاون بالقطعة ، فهذا عنوان على الافلاس ولو تقفل ابوابها فذلك افضل لها .

واعتقد ان صحافتنا اليوم تفتقد الخبر الاجتماعي الذي هو متوفر كل يوم لكننا لا نجده بل نسمع عنه

كما ان صحافة لا تعترض على اي قيود تفرض عليها ولا تناقشها على سبيل المثال ،منع الصحفيون من دخول مقر الاقتراع في غرفة تجارة وصناعة البحرين يوم الانتخابات ، فالتزموا جميعهم ولم يعترض احد ولم يناقش ولم يتخذ موقفا من اي نوع من التضييق الذي تقرره هذه الجهة او تلك ، ثم حدث الامر نفسه مع تقارير ديوان الرقابة المالية والادارية هذا العام ، والمعروف ان هذا التقرير حال صدوره يصبح ملكا للناس جميعا ،والسؤال هو : لماذا  تقيد الصحافة بنشر 13 صفحة فقط ثم يغلق الملف الاكثر توفرا على الاخبار المجتمعية والمهمة في وقت تطرح فيه البحرين نفسها كمحاربة للفساد وماضية في طريق الاصلاح الاداري ومنسجمة مع رؤية 2030 ؟

 لا يمكن لاي صحفي ان يبرز ويبدع مالم يحدث فرقا وتغييرا في المكان الذي يتواجد فيه ،وهذا الفرق  هو في ان يقتطع لنفسه مساحة اكبر من المعتاد والمألوف ويحاول كل يوم ان يأتي بجديد مغاير ،وهذا لا يحدث في الصحافة فقط انما في كل المهن التي يزاولها الانسان في حياته ، اذ لم تحدث فرقا فأنت مجرد رقم عابر في مكان لا اثر ولا تأثير .

مثلا كانت الايام حدث فارقا عندما صدرت ، ثم كانت الوسط ثم الوقت .

بل ان تعدد المنابر والمطبوعات الصحفية رفع شأن الصحفي والصحافة بعد انطلاق مشروع جلالة الملك الاصلاحي ، وذلك عندما صدرت الوسط والوقت اللتين احدثتا تغييرا لافتا في المشهد الاعلامي مثلما احثت صحيفة الايام هذا التغيير بعد انطلاقها كثاني صحيفة في البحرين عام 98 ،وصار الصحفي يضع شروطه وارتفع راتبه ،وكان العمل الصحفي في هذه الفترة ممتعا وعلى درجة عالية من التنافس والحرفية والاتقان ووقد ساهمت المطبوعات الجديدة في رفع سقف الحرية الصحفية واغنت التنوع والتعدد والاختلاف ،هل تجدون اختلافا بين الصحف حاليا ؟

وعن العلاقة بالمصادر الخبرية واهمية توطيدها واحترام المصدر والدقة في النقل كي يحمي الصحفي نفسه اقول : حذار ان تفقد الثقة في مصدرك ، او تستخف بصورته او تحرف تصريحاته ، كي لا تخسره قارئا ومصدرا خبريا واعلانيا ،هناك مصادر رفعوا قضايا على صحف او قاطعوها بزعم تعمد نشر صور غير لائقة لهم ، كما على الصحفي ان يحمي نفسه دوما بالتسجيل والتصوير اذا اقتضى الامر حتى لا يجد نفسه امام المسائلة القانونية .

عن الصحافة والاعلان

لا اعرف توجهات المعلنين اليوم في ظل تشابه الصحف ، لكن المعروف ان  الاعلان يحبذ الصحيفة الاكثر رواجا ونجاحا وانتشارا وتوزيعا وجاذبية لدى القراء ،النجاح التحريري احدها .

عمل المراسل الصحفي : انه نقلة مهنية كبيرة في مسيرة الصحفي ،ان ينتقل من المحلية الى العالمية وتتطور مهاراته كثيرا ، لكنها  محنة كبيرة في عالمنا العربي كله ،دلوني على مراسل سارت مسيرته كمراسل بشكل جيد ودون تعثر ، المراسل يراد له ان يكون نسخة من الاعلام الرسمي وشبه الرسمي في تقاريره واخباره اما الرأي الاخر فيجب ان يغيب ، وهذه مشكلة في كل مكان في العالم العربي المأزوم .

المحاربون القدامى

واختتم بتقديم تحية اكبرا واجلال لزملائي وزميلاتي الذين عملوا في الصحافة سابقا بالمحاربين القدامى ،فالمهنة درب زلق ، ولا اغراءات فيها ومليئة بالتحديات واكبرها هو تحدي الحيدة والموضوعية في عالم تعود على سماع الرأي الواحد ، وكثيرون خسروا وظائفهم لمجرد خبر او رأي ، عشق المهنة واعتبار الكلمة اداة من ادوات التغيير نحو الافضل في مجتمعنا .

واما النساء البحرينيات في المهنة قفد نافسن زملائهن الرجال بجدارة وخضن في شتى مجالات الصحافة من سياسة واقتصاد ورياضة واعلان وتحقيقات ميدانية شاقة في الداخل والخارج .

وعن نفسي فلا ازال اتذكر التغطيات الصحفية التي انجزتها في حياتي في الداخل والخارج والجهد المبذول فيها والحكايات والتفاصيل التي رافقتها، والاضافة التي حققتها سواء لنفسي او للمطبوعة التي اعمل فيها ، ولا زلت اتساءل  كيف يجازف الصحفي بحياته ومن اجل ماذا غير عشق المهنة ورغبته في صيد صحفي لافت لنفسه ولمطبوعته، غطيت نهاية الحرب الاهلية في لبنان عام 1989 وكنت النزيلة الوحيدة في فندق برستول في قلب بيروت وعلى بعد خطوات من شارع الحمرا ، وحيث كان يفترض ان يستضيف الرئيس المنتخب رينيه معوض الذي تلقى تهديدا بالاغتيال وقد اغتيل بالفعل بعد ايام من اتفاق الطائف ، كما التقيت الجنرال ميشال  عون المتحصن في قصر بعبدا والذي كان وقتها قادئا للجيش ،التقيته واجريت معه لقاء صحفي ، كما التقيت سليم الحص وسمير جعجع وسليمان فرنجية وكانت الصحف اللبنانية تنقل عن صحيفة الايام ، وكان ثمة  خطورة عالية في التنقل بين المعابر والحواجز الامنية في بيروت المنشطرة بين غربية وشرقية ، كذلك لا انسى تغطية الحرب على العراق من فوق حاملة الطائرات الامريكية هاريرز ،حيث جرى توقيعنا على اتفاق يتضمن مسئوليتنا الكاملة عن اي حدث يقع علينا وكذلك انتفاء التعويض عن اي سوء يحدث لنا، ثم بعد نزول قوات البحرية المارينز على الارض تجولت في عدة مدن عراقية وسط الانفلات الامني واختفاء الجيش العراقي ، اجريت لقاءات مع الناس ومع مجموعة من السياسيين العراقيين العائدين من المنافي، وكلها تغطيات خبرية اجريتها في ظروف صعبة وخطرة ، ولكن استدرك بالقول انه مهما كانت قوة التغطيات الخارجية فنحن في الصحافة المحلية يهمنا الشأن الداخلي والخبر الداخلي اكثر،وقد كان لي دور كبير في انجاز عدد من اللقاءات والتحقيقات الموسعة التي كان لها صداها وتأثيرها على الشارع البحريني

نقاش على هامش الندوة :

وقد اعقب الندوة بعض الاستفسارات والمداخلات يمكن تلخيصها في التالي :

قالت الصحفية فاطمة الحجري ان الصحافة المحلية اليوم تحتاج لاحياء الروح في القصة الخبرية ونقل حكايات الناس و الاستفادة من الخبر في التحليل الاعمق لاحقا ،وذكرت انها تتلمذت علي يد عصمت الموسوي وتعلمت منها ما اسمته بثوابت العمل الصحفي المهنية المقدسة ،كالتحقق من المصادر ودقة النقل وايفاء الخبر حقه والاعتناء باللغة

وتساءلت الاعلامية السعودية لطيفة العيد عن الجيل الجديد المرتبط بقوة بالسوشيال ميديا والذي لا يقرأ الصحافة ولا يعنيه الخبر الجيد من الخبر السيئ وليس لديه معرفة بأبجديات العمل الصحفي واركانه ، بل يعتبر نفسه صحفيا وينشر كل شي على منصته دون التحقق والتثبت.

وذكرت سلوى المؤيد انها  بعثت عدة مقالات تربوية ، ولكن رفضت الصحافة نشره بحجة انعدام وجود صفحات للاسرة ، ثم قامت هي بنشره لاحقا على موقع الكتروني وقد تبين ان 5 الاف قارئ قرأه ،وهذا دليل على تعطش القارئ لمثل هذه المواضيع ،وقالت ان الصحافة سابقا كانت اجرأ في نشر المقالات الاجتماعية والاسرية وحتى في الصحافة الرسمية من صحافة اليوم .

وانتقد الاعلامي موسى عساف الصحفي الذي يستسهل النقل والنسخ دون الاعتناء بصياغة الخبر او المقال واضاف ان الصحافة تنشأ وتترعرع ضمن منظومة او بيئة متكاملة، وللاسف رأيت طلابا يدخلون الصحافة لانها وظيفة سهلة وليس عشقا بها ، وقال : نحن نضع العبئ دوما على الحكومة في تردي الصحافة بينما يتحمل الصحفيون والقائمين على الصحف جزءا من هذا العبئ فالحكومة لا تحدد سقفا واحدا لكل الصحف ،انما الصحف هي من تفعل ذلك ،ونصح بالقول : ان على الصحفيين ان يقتطعوا لانفسهم كل يوم مساحة اكبر من الحرية وهكذا يتحقق التراكم في منسوب الحريات

الكاتب الصحفي خليل يوسف : نلاحظ في صحافتنا الراهنة ان هناك مصدرا واحد للاخبار يفرض على جميع الصحف وقد اتفقوا جميعا على تحديد 28 صفحة ، لكن كلها اخبار متشابهة ، وقد صار الخبر الرسمي هو المانشيت بعد ان كان الخبر الشعبي او الاهلي هو ما تتنافس عليه الصحف لابراز فرادتها وريادتها ، وقد غابت صفحة بريد القراء التي كانت في يوم من الايام نبض الناس وحاملة همومهم وحل محلها الخواطر والوجانيات ، كما غاب ذلك الصحفي الشغوف بالمهنة وحل محلهم صحفيون يعتبرون الصحافة محطة عبور لوظيفة افضل،  واننا ننتهز هذه الفرصة للدعوة لنهضة صحفية جديدة تضاهي تلك التي ترافقت مع مشروع جلالة الملك الاصلاحي.

وقال الكاتب والباحث الصحفي رضي السماك : أن من المفارقات التاريخية أن نجد أوضاع صحافتنا في حقبة سريان قانون أمن الدولة أفضل مما هي عليه الآن من حيث زيادة تضييق هامش حرية التعبير على كتّاب الرأي، حتى بتنا من سخريات القدر أن نتباكى على عصر "قانون أمن الدولة"  بكل موبقاته الذي ألغاه جلالة الملك كمطلب شعبي للإصلاح السياسي، وأستطرد السماك قائلاً:  أن صحافتنا باتت تولي أهتماماً مفرطاً لنشر الأخبار والقضايا المحلية دون مراعاة لأدنى توازن بين الأخبار المحلية والأخبار الخارجية، بحيث تكاد الأخيرة شبه مغيْبة . 

ومن حيث "الرقابة الذاتية"  التي يفرضها الكاتب على نفسه نوه  بأن هذه الإشكالية من "الرقابة الرقابة الذاتية"  موجودة أيضاً لدى رئيس التحرير، ولدى مساعديه من رؤساء الأقسام والجهات المعنية باستلام مقالات الرأي ومراجعتها وتجهيزها للنشر. وأضاف: ومع ذلك فإن رئيس التحرير يستطيع بخبرته ونزاهته التعامل بأكبر قدر من "فن الممكن" مع الهامش الضيّق الذي يفرضه قانون الصحافة دون أن يضيّقه  على الكاتب فوق ضيقه  الأصلي، شريطة أن يتعامل مع كتّاب صحيفته بحيادية تامة في هذا الشأن دون ممارسة تمييزية بينهم، بأن يخص مثلاً بعضهم برفع سقف الهامش له في حرية التعبير إلى أقصى حدوده المسموح بها، وتنزيله لدى بعضهم الآخر إلى أدنى حد.   

ويضيف السماك : ومن المؤسف ألا يقتصر الأمر على ذلك فقط، بل أن صحافتنا تنشر مقالات هابطة المضمون والشكل ولا تستحق النشر ، وتمنحهم مكافآت مالية في الوقت الذي تحجبها عن كتُاب آخرين يستحقونها هذا إذا وافقت على أتاحة الفرصة لهم للنشر ! 

وأنتقد السماك كثرة الأخطاء اللغوية التي تعج بها صفحات صحافتنا البحرينية، ناهيك عن تردي إسلوب تحرير وصوغ المواد المنشورة بمختلف أنواعها . و أكد أن الكاتب الحقيقي هو العاشق للكتابة الصحفية والتي يؤمن بها بأنها رسالة سياسية واجتماعية ملقاة على عاتقه تجاه وطنه وشعبه وجديرة ألا ترتهن في ممارسته إياه دائماً بالعائد المالي .

الشاعر كريم رضي : هناك نقطتان اود الحديث عنهما : 

  

اولا : على صعيد الصحافة الخبرية، فإن الصحافة المؤسسية سواء كانت ورقية ام الكترونية ستبقى هي المتسيدة للمشهد ، ولن يأتي اليوم الذي تحل فيه صفحات الافراد او حساباتهم على الميديا محل الصحافة الخبرية المؤسسية .

وها نحن نرى انه برغم طوفان وسائل التواصل الاجتماعي وملايين الاخبار المتداولة كل دقيقة فلايزال القارئ يسال عند نشر اي خبر اسئلة من قبيل من نشر الخبر، هل نشرته مؤسسة اعلامية مرموقة محليا او دوليا ،واذن فليست المسالة هي هي ما اذا كان الرقمي سيحل محل الورقي فهذا تطور طبيعي ، لكن هل ستحل صحافة الفرد مجل صحافة المؤسسة في القسم الخبري من الانتاج ؟ الجواب لا

 

نعم فيما يتعلق بالقسم المعني بالرأي مثل الاعمدة الصحفية والمقالات التحليلية وحيث لا نحتاج الى عنصر الموثوقية بل نحتاج بشكل اكبر الى عنصر الحرية ،فان الصحافة غير المؤسسة تتمتع بهامش اكبر من الحرية بالتاكيد

 

وذكرت المحامية هنادي الجودر ان قانون الصحافة المعمول به حاليا ، كفل حرية الصحافة ولكن وفق الشروط والاوضاع وهذه الشروط هي السبب في انعدام الحرية

فالمادة 74 تضع المسؤولية الافتراضية على رئيس التحرير ، مع انه لايوجد في القانون الجنائي مسؤولية افتراضية وهو ما يجعل رئيس التحرير خائفا ومتوجسا ، كما لاحظنا ان احداث 2011 اقامت سلطة شعبية او رقابة اخرى على رقبة الكتاب والصحفيين اذ صار الفرد يُجرد من وطنيته ويتهم بالخيانة اذا عبر عن رأيه المخالف لرأي هذه الفئة او تلك ،فالاقصاء هنا يأتيك من الناس وليس من الحكومة .

وقال علي صالح : كل ما نعاني منه في الصحافة مقصود ومتعمد وممتد ومتجذر ، ولو رجعنا لعام 1937 لرأينا ان صحيفة الزايد كانت تخضع لرقيب والقافلة والخميلة وكل صحافة الخمسينات، هي هي الرقابة لم تختلف يوما ،وفي عام 2002  صدر قانون الصحافة الجديد ،وقد اعترض عليه الجميع ولم يتغير فالدولة لا تريد ان تسمعك ،الدولة تريد هذا القانون ولم يستطع احدا ان يغير فيه شيئا ، والدولة هي من تقرر من يكتب ومن يمنع ،لذا ارى ان على  الصحففين يكثفوا عملهم في السوشيال ميديا ويمارسوا عبره حقهم في حرية التعبير ، ويؤسسوا لانفسهم كيانا يمثلهم جميعا وليس جمعية الصحفيين الحالية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة