اسئلة مشروعة عن خصخصة قطاع الصحة : عصمت
الموسوي
اتابع كغيري من الموطنين المؤتمرات المعنية بالشان
المحلي حول التعليم والصحة والاستثمار وبرامج التعافي الاقتصادي وتنمية القطاعات
الجديدة وغيرها من البرامج الهادفة الى تطوير المرافق والاجهزة والهيئات الرسمية في
المرحلة المقبلة ضمن بيئة من التنافسية والشفافية والعدالة " تماشيا مع رؤية
البحرين 2930 وفق ما تقول الديباجة الرسمية "
والواقع
انها مؤتمرات مهمة وشديدة الصلة بحياة الناس ومعاشهم ، ، ولسنا نعلم اهي خصخصة وان
لم تقر بالتسمية صراحة ام مزيج من هذا وذاك ام ماذا ؟ ذلك ان تعبير الخصخصة يخيف الناس ويشعرهم ان
الحكومة تريد التحول عن الالتزامات الاساسية المفروضة عليها باتجاه تحميل او
مشاركة المواطنين جزءا من هذه الالتزامات .
ففي اللقاء الذي عقده معالي الفريق طبيب
الشيخ محمد بن عبدالله آل خليفة رئيس المجلس الاعلى للصحة يوم الخميس الماضي تحدث
عن البدء ببرنامج الضمان الصحي والتسيير الذاتي في الرعاية الصحية بحضور رؤساء
تحرير الصحف المحلية
وكلنا يعلم ان مثل هذه المؤتمرات المعتادة
والمتكررة لا تستدعي حضور رؤساء التحرير بالضرورة - الذين اصبحوا وجوها بارزة في
كل اجتماع - انما من الافضل ان يغطيها صحفيو الاخبار المتابعون والمتخصصون في
مختلف القطاعات كما جرت العادة وكما هو الحال في كل المؤتمرات الصحفية ،وحيث تطرح كل
صحيفة اسئلتها الصحيحة وتغطيتها الجريئة لتنفرد بتميزها ، فليس وجود رؤساء التحرير
بالضرورة هو ما يمنحها القيمة والمكانة والمصداقية والاختلاف انما هي اسئلة
الصحفيين والتشارك والتحاور حول الموضوع المطروح وشرح تفاصيله بكل ابعادها المعلنة
والخفية والمبهمة، ان التحول النوعي في اي منظومة جدير به ان يرسم صورة شاملة للحضور تحدد " كنا هنا ونريد ان نكون هنا عبر هذه
الوسائل وصولا لهذه الاهداف متضمنا ذكر التفاصيل والارقام ، فكم هي الميزانية
المخصصة او المتوقعة ( وفق الدراسات التي اجريت ) لهذا القطاع قبل وبعد ؟ لان لغة
الارقام هي لغة المصداقية والشفافية .
الصحة الوقائية تحديدا والمتمثل في المراكز
الصحية المجانية يعد واحد من افضل المنجزات والمكتسبات الصحية الناجحة في بلدنا
منذ سنوات، وهو نموذج رائد على مستوى الخليج والعالم العربي وعلى صعيد العالم ربما
ن وهو احد المؤشرات التي على اساسها حصلت البحرين على مراتب عالية في تقرير التنمية
البشرية الاممي، وهو جدير بالتعزيز وبالاحتذاء فلماذا نغيًره وبأي كيفية ،ومن
الرابح ومن الخاسر من هذا التحول ؟
ونعلم ان الضمان الصحي ايضا سيتطلب تغييرا
جذريا في ادارة المستشفيات الحكومية تختلف عن النظام الاداري الحالي وستمنح المراكز
الصحية والمستشفيات صلاحية اكبر عند تطبيق نظام التسيير الذاتي ما يعني ايضا تغييرا
في نظم اقرار الميزانية ونظم توظيف القوى البشرية ، وسيمَكن هذا البرنامج الادارة وشركاء
المشروع من جني المداخيل المتأتية من جيب طالبي الخدمة الصحية وتوظيفها في تطوير
القطاع، هو اذن برنامج تخصيص وقد سمعنا عنه منذ عدة سنوات وتأخر تطبيقه ربما بسبب
جائحة كورونا ، وحسب المتوفر من المعلومات فإن المواطن في برنامج التسيير الذاتي سيدفع
مبلغا بسيطا لاول مرة ثم جزءا من سعر الادوية، واذا التزم الامر عملية جراحية او
ادخال المريض للاقامة القصيرة او الطويلة او الى اجراء الفحوصات او الاشعة فهناك
ايضا استحقاق حسب نوع التأمين الذي هو نوعين، التامين الاول شبه مجاني مع خدمات
محدودة، والتامين الثاني اعلى سعرا مع خدمة صحية اكبر واجوَد .
ولعل السؤال الاهم هو هل التوجه نحو الخصخصة
في ظل اندلاع الجوائح الكونية ( جائحة كورونا مثالا ) قرارا صائبا ؟حيث ثبت ان
الادرات الحكومية وفقا لما تقوله الصحة العالمية هي الاقدر على ادارة ملفات
الامراض وتوزيع الامصال والوقاية وغيرها،اما السؤال الاخر فهو المتعلق بالمواطنين
المعسرين او اصحاب الدخول المحدودة، وهي نسبة لا يستهان بها في بلدنا في ظل تصاعد الضرائب
وتنامي الغلاء المعيشي، هؤلاء ستكون الخصخصة عبئا اضافيا على مداخيلهم المحدودة ،
فهل سيتساوون مع غيرهم عند تطبيقه ام ترفع مداخيلهم او يعوَضون بطريقة او باخرى؟ اسئلة
مشروعة وجديرة بالمناقشة في اي مؤتمر يعلن التحول الى نظام خدماتي مخصخص وغير
مسبوق
ان
مؤتمرا بلا اسئلة ولا نقاش مستفيض هو وجبة ناقصة وغير مشبعة ، انما دافعة لمزيد من
الجوع المعرفي والمعلوماتي .
تعليقات
إرسال تعليق